فرصة العالم الإسلامي الأخيرة- نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب
المؤلف: أسامة يماني09.02.2025

إنَّ منظّري الحروب والجيوسياسة، الذين يمتلكون رؤية مشبعة بثقافة القطب الواحد، سيجدون بالتأكيد الشروح الوافية والتفصيلات الدقيقة التي تدعم وجهة نظرهم للأحداث الجارية في المنطقة، وسيقدّمون الردود المثلى في نظرهم على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وبعيدًا عن التحليلات السطحية التي تفتقر إلى العمق، والمغالطات المضللة، والمصالح الذاتية الضيقة، ونظرًا للظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة والعالم أجمع، يجدر بنا أن نلقي الضوء على تنبيهات المفكر الروسي البارز ألكسندر دوغين، العرّاب الأيديولوجي لمشروع التعددية القطبية، الذي يرى في هذه اللحظة التاريخية فرصة ذهبية، بل ربما أخيرة، أمام العالم الإسلامي ليقف بكل قوته في وجه الهيمنة الغربية المتصاعدة، وينخرط بفاعلية في بناء نظام عالمي جديد ومتوازن لا تهيمن عليه قوة واحدة بمفردها.
يستعرض دوغين رؤيته، مشيرًا إلى أن إيران، على سبيل المثال، قد أضاعت فرصة تاريخية ثمينة لتعزيز وتوطيد تحالفها الاستراتيجي مع روسيا الاتحادية. فلو أن طهران أدركتْ بعمق أنها مستهدفة بشكل مباشر من قبل إسرائيل، وأن المواجهة الحتمية مع الولايات المتحدة ليست مجرد احتمال نظري بعيد المنال، بل هي واقع لا مفر منه وقادم لا محالة، لاتّخذت خطوات حاسمة وجذرية نحو تعزيز شراكتها المتينة مع موسكو. ويؤكد دوغين بقوة أن روسيا كانت في قمة استعدادها لمثل هذا السيناريو، بل أكثر استعدادًا من إيران نفسها، لكنه الآن يخشى بشدة أن يكون الوقت قد فات، وأن ما كان بالإمكان تجنبه أصبح الآن وشيكًا، إن لم يكن قد أصبح أمرًا حتميًا وقدرًا لا راد له.
ويوضح دوغين أن موقف روسيا الاتحادية يتسم بالوضوح التام والشفافية المطلقة، ولا يحتمل أي لبس أو غموض: فهي تعارض بشدة الحرب، وتدين بشدة الضربات الإسرائيلية المتواصلة، وترفض بشكل قاطع التدخل الغربي السافر في شؤون الدول ذات السيادة الكاملة، وتقف شامخة في وجه التيار الغربي الأحادي الجارف الذي يسعى للهيمنة.
ويذهب ألكسندر دوغين إلى أبعد من ذلك، مؤكدًا أن الدفاع المستميت عن السيادة الوطنية، والتمسك الراسخ بالقيم التقليدية الأصيلة، والعمل الدؤوب في إطار مصلحة وطنية واضحة المعالم، هو السبيل الأمثل والطريق القويم نحو بناء عالم متعدّد الأقطاب يسوده العدل والتوازن. وقد قدَّم في كتابيه القيمين «نظرية العالم متعدِّد الأقطاب» تصوُّرًا تفصيليًا يخص العالم الإسلامي تحديدًا، ويبرز قدرته الفائقة على أن يتحوَّل إلى كتلةٍ جيوسياسيةٍ مستقلةٍ بذاتها، تتبنَّى بكل قوة وشجاعة الدفاع عن السيادة الحضارية والثقافية، لا السياسية والاقتصادية فحسب.
والجدير بالذكر في طرح دوغين أن إسرائيل لا تنفذ إستراتيجيتها العدوانية بمفردها على الدوام، فعندما تواجه صعوبات وعقبات، فإنها تستدعي على الفور الدعم الغربي المتمثل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ليقفوا صفًا واحدًا إلى جانبها ويدعموا مخططاتها التوسعية باستماتة. وهذا الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل يتكرر باستمرار وبشكل ملحوظ. ويحذِّر دوغين بشدة من أن النتائج ستكون وخيمة وكارثية بكل المقاييس إذا لم يتم إعادة ترتيب الصفوف وتوحيد الجهود، فإما أن يولد قطب إسلامي حقيقي وفاعل اليوم، أو سينزوي العالم الإسلامي إلى الهامش لعقود طويلة قادمة، وسيفقد تأثيره ودوره المحوري في الساحة الدولية.
ويرى دوغين أن «النظام العالمي الأحادي الذي قادته الولايات المتحدة منفردة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي يمر الآن بلحظات الاحتضار الأخيرة، بينما تتشكل ملامح نظام عالمي جديد واعد قائم على التعددية القطبية، حيث تتوزع مراكز القوة والنفوذ بين كيانات حضارية وثقافية متميزة ومتنوعة». وهنا يطرح السؤال الأكثر إلحاحًا والأكثر أهمية: هل سيكون للعالم الإسلامي مقعدٌ محترم في هذا التوازن الجديد، أم أنه سيظل أسيرًا للتبعية الذليلة والاقتتال الداخلي المدمر؟
ويؤكد دوغين بقوة أن سياسة «فرِّق تسُد» ليست مجرد سياسة تقليدية، بل هي عقيدة غربية راسخة الجذور ومترسخة منذ قرون طويلة. ومن هذا المنطلق، يؤكد أن اللحظة الراهنة ليست مجرد لحظة مناسبة للتوحد والتعاون، بل هي ضرورة حتمية وملحة لا تقبل التأجيل، فالفرصة قد لا تسنح مرة أخرى. فإذا لم تتشكَّل كتلة إسلامية سيادية واضحة المعالم، قادرة على اتخاذ مواقف شجاعة وجريئة، وإقامة تحالفات إستراتيجية متينة خارج العباءة الغربية، فإن مصير العالم الإسلامي سيكون التهميش الكامل والإقصاء التام، وربما الزوال التدريجي كفاعل حضاري مستقل له ثقله وتأثيره.
ونستخلص مما سبق ذكره أن الرد الأمثل يجب أن يكون:
- استراتيجيًا متكاملًا ومتعدد الأدوات، ويتسم بالذكاء والفطنة.
- مع تجنُّب التصعيد العسكري المباشر بكل الوسائل، والذي قد يُستخدم كذريعة واهية لممارسة المزيد من العدوان.
- مع التركيز الشديد على كسب المعركة السياسية والإعلامية، والتي قد تكون أكثر فاعلية وتأثيرًا على المدى الطويل.
- مع تعزيز الرد الدبلوماسي والحشد الدولي من خلال رفع القضية في جميع المحافل الدولية الممكنة.
- وكشف الانتهاكات الأمريكية والإسرائيلية عبر تقارير موثَّقة ومدعومة بالأدلة والبراهين.
- مع تعزيز التضامن الإقليمي والاقتصاد المحلي وتقويتهما.
- وإقامة تعاون وثيق مع دول مثل روسيا والصين لإنشاء مسارات مالية وتجارية بديلة عن النظام الغربي المهيمن.
فإسرائيل تمثل خطرًا وجوديًا حقيقيًا... فهل من متعظ؟
يستعرض دوغين رؤيته، مشيرًا إلى أن إيران، على سبيل المثال، قد أضاعت فرصة تاريخية ثمينة لتعزيز وتوطيد تحالفها الاستراتيجي مع روسيا الاتحادية. فلو أن طهران أدركتْ بعمق أنها مستهدفة بشكل مباشر من قبل إسرائيل، وأن المواجهة الحتمية مع الولايات المتحدة ليست مجرد احتمال نظري بعيد المنال، بل هي واقع لا مفر منه وقادم لا محالة، لاتّخذت خطوات حاسمة وجذرية نحو تعزيز شراكتها المتينة مع موسكو. ويؤكد دوغين بقوة أن روسيا كانت في قمة استعدادها لمثل هذا السيناريو، بل أكثر استعدادًا من إيران نفسها، لكنه الآن يخشى بشدة أن يكون الوقت قد فات، وأن ما كان بالإمكان تجنبه أصبح الآن وشيكًا، إن لم يكن قد أصبح أمرًا حتميًا وقدرًا لا راد له.
ويوضح دوغين أن موقف روسيا الاتحادية يتسم بالوضوح التام والشفافية المطلقة، ولا يحتمل أي لبس أو غموض: فهي تعارض بشدة الحرب، وتدين بشدة الضربات الإسرائيلية المتواصلة، وترفض بشكل قاطع التدخل الغربي السافر في شؤون الدول ذات السيادة الكاملة، وتقف شامخة في وجه التيار الغربي الأحادي الجارف الذي يسعى للهيمنة.
ويذهب ألكسندر دوغين إلى أبعد من ذلك، مؤكدًا أن الدفاع المستميت عن السيادة الوطنية، والتمسك الراسخ بالقيم التقليدية الأصيلة، والعمل الدؤوب في إطار مصلحة وطنية واضحة المعالم، هو السبيل الأمثل والطريق القويم نحو بناء عالم متعدّد الأقطاب يسوده العدل والتوازن. وقد قدَّم في كتابيه القيمين «نظرية العالم متعدِّد الأقطاب» تصوُّرًا تفصيليًا يخص العالم الإسلامي تحديدًا، ويبرز قدرته الفائقة على أن يتحوَّل إلى كتلةٍ جيوسياسيةٍ مستقلةٍ بذاتها، تتبنَّى بكل قوة وشجاعة الدفاع عن السيادة الحضارية والثقافية، لا السياسية والاقتصادية فحسب.
والجدير بالذكر في طرح دوغين أن إسرائيل لا تنفذ إستراتيجيتها العدوانية بمفردها على الدوام، فعندما تواجه صعوبات وعقبات، فإنها تستدعي على الفور الدعم الغربي المتمثل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ليقفوا صفًا واحدًا إلى جانبها ويدعموا مخططاتها التوسعية باستماتة. وهذا الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل يتكرر باستمرار وبشكل ملحوظ. ويحذِّر دوغين بشدة من أن النتائج ستكون وخيمة وكارثية بكل المقاييس إذا لم يتم إعادة ترتيب الصفوف وتوحيد الجهود، فإما أن يولد قطب إسلامي حقيقي وفاعل اليوم، أو سينزوي العالم الإسلامي إلى الهامش لعقود طويلة قادمة، وسيفقد تأثيره ودوره المحوري في الساحة الدولية.
ويرى دوغين أن «النظام العالمي الأحادي الذي قادته الولايات المتحدة منفردة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي يمر الآن بلحظات الاحتضار الأخيرة، بينما تتشكل ملامح نظام عالمي جديد واعد قائم على التعددية القطبية، حيث تتوزع مراكز القوة والنفوذ بين كيانات حضارية وثقافية متميزة ومتنوعة». وهنا يطرح السؤال الأكثر إلحاحًا والأكثر أهمية: هل سيكون للعالم الإسلامي مقعدٌ محترم في هذا التوازن الجديد، أم أنه سيظل أسيرًا للتبعية الذليلة والاقتتال الداخلي المدمر؟
ويؤكد دوغين بقوة أن سياسة «فرِّق تسُد» ليست مجرد سياسة تقليدية، بل هي عقيدة غربية راسخة الجذور ومترسخة منذ قرون طويلة. ومن هذا المنطلق، يؤكد أن اللحظة الراهنة ليست مجرد لحظة مناسبة للتوحد والتعاون، بل هي ضرورة حتمية وملحة لا تقبل التأجيل، فالفرصة قد لا تسنح مرة أخرى. فإذا لم تتشكَّل كتلة إسلامية سيادية واضحة المعالم، قادرة على اتخاذ مواقف شجاعة وجريئة، وإقامة تحالفات إستراتيجية متينة خارج العباءة الغربية، فإن مصير العالم الإسلامي سيكون التهميش الكامل والإقصاء التام، وربما الزوال التدريجي كفاعل حضاري مستقل له ثقله وتأثيره.
ونستخلص مما سبق ذكره أن الرد الأمثل يجب أن يكون:
- استراتيجيًا متكاملًا ومتعدد الأدوات، ويتسم بالذكاء والفطنة.
- مع تجنُّب التصعيد العسكري المباشر بكل الوسائل، والذي قد يُستخدم كذريعة واهية لممارسة المزيد من العدوان.
- مع التركيز الشديد على كسب المعركة السياسية والإعلامية، والتي قد تكون أكثر فاعلية وتأثيرًا على المدى الطويل.
- مع تعزيز الرد الدبلوماسي والحشد الدولي من خلال رفع القضية في جميع المحافل الدولية الممكنة.
- وكشف الانتهاكات الأمريكية والإسرائيلية عبر تقارير موثَّقة ومدعومة بالأدلة والبراهين.
- مع تعزيز التضامن الإقليمي والاقتصاد المحلي وتقويتهما.
- وإقامة تعاون وثيق مع دول مثل روسيا والصين لإنشاء مسارات مالية وتجارية بديلة عن النظام الغربي المهيمن.
فإسرائيل تمثل خطرًا وجوديًا حقيقيًا... فهل من متعظ؟